الأحد، 26 يوليو 2020

هذا الحبيب (21)

هذا الحبيب (21)
* حادثة شق الصدر*
تقول حليمة رضي الله عنها: رجعنا إلى ديار بني سعد ومعي (محمد) صلى الله عليه وسلم 
وأخذ يشب شبابه مع إخوته في الرضاعة بعدما فطمته عن الرضاعة.. 
(هنا نبدأ بالسيرة، وأول نطقه وكلامه، صلى الله عليه وسلم)  
_____
تقول حليمة: نطق مبكراً، وكان أفصح الصبيان بالنطق والكلام.
تقول: جاء محمد صلى الله عليه وسلم في يوم من الأيام فقال لي: يا أماه ما لي لا أرى إخوتي في النهار؟
فقلت له: يا بني، إنّا لنا أغنامٌ يسرحون بها إلى الليل.
فقال: إني أحب أن أراهم في النهار. 
في اليوم الثاني أراد إخوته الخروج لرعاية الأغنام 
فقال لها: يا أماه، هل تأذني لي أن أرعى الغنم معهم؟
فقلت له: يا بني، أنت صغير!
فقال إخوته: يا أماه يا أماه، دعي محمداً يسرح معنا، نحن نرعاه، لا تخافي عليه سنعتني به
 إخوته من حليمة هم: (الشيماء، وعبد الله، وأنيسة)
وكانت الشيماء دائماً تلاعب النبي وتقوم برعايته مع أمها وتحبه، وعندما تبحث عنه حليمة تجده مع الشيماء تلاعبه وهي تنشد له الشعر. 
هذا أخٌ لي لم تلدهُ أمي.. وليسَ من نسلِ أبي وعمي.
ويكون حولها يضحك ويلعب، صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عن الشيماء، فقد أسلمت وكانوا يسمونها أيضاً أم النبي.
 فخرج معهم، وكان لمّا يُكمل السنة الثالثة من عمره بعد، صلى الله عليه وسلم 
فأصبح يخرج ويسرح معهم بالأغنام، حتى أصبح لا يفارق إخوته..
فلما كاد أن يتم الرابعة من عمره (يعني إلا شهرين أو ثلاثة)
_____
تقول حليمة: وفي يوم من الأيام، خرج معهم كعادته فما أن انتصف النهار حتى جاء إبني عبد الله ومعه أخ له وعدد من الصبية يركضون ويصرخون.. 
يا أمااااه يا أمااااه، أدركي أخي القرشي، فلا أراكِ تدركينه (بمعنى يا تلحقيه يا لا)
تقول حليمة: ففزعتُ وقمتُ أنا وأبوه بسرعة وقلنا: ما الخبر.. ما بال محمداً؟!
قالوا: ونحن بين الأغنام، جاء إلينا رجلان، طوال القامة، عليهم ثياب بيض، أخذوا محمداً من بيننا، ثم صعدوا به أعلى الجبل، فلحقناهم.. 
ماذا تريدون منه، أتركوه، إنه ليس منا أتركوه، إنه قرشي ابن سيد مكة، فلم ينطقوا بأي كلمة، ولم نستطع اللحاق بهم. 
ورأيناهم من بعيد قد أضجعاه في طشت معهم، وأخذوا يشقون بطنه! 
تقول حليمة: فانطلقت أنا وأبوه بسرعة مفزوعين.
وأخذت تصيح حليمة بأعلى صوتها وتقول:
وااا ضعيفاه،  وااا وحيداه، وااا يتيماه
______
 فلما وصلت حليمة وزوجها، نظروا الى الجبل.. 
تقول: فرأيناه جالساً على قمة الجبل، منتقعاً، لونه أصفر، ينظر الى السماء. 
تقول: فانطلقت نحوه مسرعة، ثم احتضنته وقبلته، ثم احتضنه أبوه. 
قلت: يا بني؛ ما الذي جرى لك، أخبرني؟!
قال: إني بخير، بينما أنا بين إخوتي أقبل إلينا رجلان عليهم ثياب بيض فأخذاني من بين الصبية. 
 قال أحدهم للآخر.. أهو؟
 فقال له: هو 
 ثم وضعاني في شيء معهما بكل لطف ثم شق أحدهما من صدري إلى منتهى عانتي وأنا أنظر إليه لم أجد لذلك مساً! 
(يعني لا يوجد وجع وألم)
 وأخرج أحشائي ثم أخرج منها شيئاً لا أعرفه، ثم غسلها بالثلج، ثم أعادها مكانها. 
فقال له صاحبه: قد قُمتَ بما وُكّل إليك فتنحى (بمعنى أنه انتهت مهمتك التي قد وُكلت بها)
ثم جاء الآخر فوضع يده على صدري ومسح عليه فرجع صدري والتحم. 
 وكشف لهم عن بطنه أي انظروا.. فلما نظروا رأوا مثل جرح وكأنه ملتحم جديد 
ثم قال لصاحبه: زنه بعشرة من قومه (أي ضع الميزان وأوزنه)
فوضعوني في شيء ووضعوا عشرة رجال في شيء آخر (يعني مثل الميزان الكفتين) فوزنتهم 
 فقال له: زنه بمائة 
 فوضعوا مائة رجل فرجحتهم وطاش الميزان
قال: زنه بمائة ألف 
فوضعوا مائة ألف في كفة، فلما وضعوني في الأخرى، فرجح الميزان، وتطاير الرجال في السماء، فرأيتهم كأنهم يتساقطون عليّ..
فقال له: دعه، فوالله لو وزنته بأهل الأرض لرجحهم جميعاً. 
ثم قالوا: لا تخف يا (حبيب الله) فإنك لو تعلم ما يُراد منك؛ لقرّت عينك ثم ضموني لصدرهم وقبلوني.. ثم طاروا في السماء وها أنا أنظر إليهم يا أمي فلن يعودوا.
_____
يُحدث النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه عن حادِثة شق الصدر: 
عندما أقبلت حليمة وهي تصيح وتقول: وااا ضعيفاه، وااا وحيداه، وااا يتيماه، سمعتها الملائكة من بعيد وهي قادمة.. 
فلما قالت: وااا ضعيفاه 
يقول صلى الله عليه وسلم:
فانكبوا عليّ فقبلوا رأسي وما بين عيني، فقالوا: حبذا أنت من ضعيف! 
ثم قالت ظئري: يا وحيداه! فانكبوا عليّ فضموني إلى صدورهم وقبلوا رأسي وما بين عينيّ، ثم قالوا: حبذا أنت من وحيد وما أنت بوحيد! إن الله معك وملائكته والمؤمنين من أهل الأرض. 
ثم قالت ظئرى: يا يتيماه، استضعفت من بين أصحابك فقتلت لضعفك، فانكبوا علي فضموني إلى صدورهم وقبلوا رأسي وما بين عيني، وقالوا: حبذا أنت من يتيم، ما أكرمك على الله! لو تعلم ماذا يراد بك من الخير! 
قال: فوصلوا بي إلى شفير الوادي، فلما بصرت بي أمي - وهي ظئري - قالت: يا بني ألا أراك حياً بعد! فجاءت حتى انكبت عليّ.. صلى الله عليه وسلم. 
معنى ظئري أي (مرضعتي)
الظِّئْر: الأنثى التي تعطف على ولد غيرها أو ترضعه ويطلق على الذَّكر كذلك.
______
لماذا حادثة شق الصدر؟ 
الله عز وجل، خلق الإنسان، ويوجد مكان داخل جسده قريب من القلب، كالعَلَقة يكون فيها مثل بيت أو مكان للشيطان، ومن هذا المكان يجلس الشيطان، ويلقي وساوسه للقلب، كل إنسان فينا عنده هذه العلقة، وهي حظ الشيطان منّا، أي نصيبه، فجاءت الملائكة فأزالتها من صدر النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يعد للشيطان مكان ولم يعد له حظ من رسول الله.
ولو سأل أحدهم:
لماذا خلقها الله لرسوله وكان من الممكن أن يخلقه بدونها؟
لأن هذه العلقة جزء من الأجزاء الانسانية، يعني لو نقصت لنقص الكمال الإنساني، فخلقها الله تكملة لخلقه الإنساني صلى الله عليه وسلم. 
ثم نزعها منه تكرمة له واستُبدل مكانها الحكمة، ليعلم جميع الخلق كرامته عند الله، وليتأكدوا من كمال باطنه، كما تأكدوا من كمال ظاهره. 
(فلو خُلق بدونها، لم تظهر للخلق تلك الكرامة)
______
 تقول حليمة: فأخذناه وحدثنا قومنا في بني سعد فخافوا عليه من الجن والشيطان..
 وقالوا: يا حليمة.. أحضري له كاهناً يرى ما القصة؟
 تقول حليمة: فأخذنا محمداً إلى كاهن، ومحمد يقول ما لي ومال الكاهن ليس بي شيء أنا بخير، لا يريد الذهاب.. 
 ولكن لأنه صغير بالعمر غلبناه وأخذناه إلى الكاهن.
(عذراً على الإطالة)
يتبع بإذن الله..

ليست هناك تعليقات: