الأحد، 26 يوليو 2020

هذا الحبيب (15)

هذا الحبيب (15)

إلتماس المراضع له صلى الله عليه وسلم

تشرف الكون بسيدنا {محمد صلى الله عليه وسلم} وأرضعته أمه سبع أيام على التوالي.. ثم التمس له المراضع.

____

لماذا التماس المراضع؟

كان من عادة قريش أصحاب السيادة (أي الذين يملكون المال)

يحبون أن يتربى أبناؤهم خارج مكة (تقريباً مثل أيامنا هذه، الذي يملك المال، يضع أولاده في أفضل، مدرسة خاصة)

فلم يكن يسترضع في مكة كلها، إلا الأغنياء وأصحاب السيادة.

وذلك لثلاثة أسباب:

(1) يخافون على أولادهم من وباء مكة في مواسم الحجيج.

(كان يأتي ناس كثير للحج، والتجارة من شتى البلاد، ومنهم من يحمل الأمراض المعدية معه، فيخافون على أطفالهم الرضع، من انتقال الأمراض، فالكبار يستطيعون التحمل، أم الرضع فلا)

فكانوا يحبون أن يربى الولد في أول عمره، في البادية عند الهواء النظيف والبيئة النقية، وعندما يكبر ويشتد عوده، يرجع إلى أهله.

(2) اللغة العربية في مكة لم تكن بتلك الفصاحة المطلوبة.

(كان أهل البادية في ذلك الزمن مشهورون بفصاحة اللسان، فكانت اللغة العربية عندهم أكثر فصاحة) فيتعلم الطفل الصغير، فصاحة اللسان من صغره.

 (وجاء زمن أصبح أكثر اهتمامنا تعلم لغة الغرب، الذي هو فعل جيد لا أحد يُنكره، فمن تعلم لغة قومٍ أمن مكرهم، ولكن لا يعني ذلك أن نهمل لغتنا لغة القران، ونجعلها وراء ظهورنا)

(3)  أسياد مكة كانوا يحبون من الزوجة أن تتفرغ لزوجها وتتزين له، لأنه من الأشراف ولا تنشغل عن زوجها بالرضاعة والحضانة.

وربما يسأل أحدهم: إذا كان ذلك أحد الأسباب، فالنبي صلى الله عليه وسلم، ولد يتيماً، ولا يوجد لآمنة زوج، لكي تتفرغ له؟

(السبب لأن جده عبد المطلب، لم يرض بنقص قدر هذا المولود اليتيم، أمام بقية الأولاد في مكة، وأراد أن يجبر خاطر آمنة وقلبها، ولو كان يتيماً يا آمنة، فإن محمداً، سيسترضع مثله مثل أبناء الأشراف ولن ينقص عليه شيء صلى الله عليه وسلم)

_____

(المراضع:) هم نساء، كانوا يأتون من البادية لمكة مع أزواجهم في العام إما مرة أو مرتين.

فجاء قوم من بني سعد (هم أهل حليمة السعدية مرضعة الحبيب صلى الله عليه وسلم)

يريدون رؤية أطفال رضع في مكة، من يطلب مرضعة حاضنة، يطوفون بين أسياد قريش، ويسألون: هل منكم من يريد مرضعة؟

هل منكم من يحب أن نحتضن ولده؟

فلم يبق منهم مرضعة إلا عُرض عليها النبي صلى الله عليه وسلم

فيسألون: من أبو هذا الصبي (يريدون رؤية أباه، فالأب هو الذي سيدفع لهم المال)

فيقال لهم: أبوه عبد الله، مات وأمه حامل به!

فتتغير ملامحهم ورغبتهم في حضانته، ويقولون: لا رغبة لنا، لعلكم تجدون غيرنا، ثم ينصرفوا

(لأنهم يريدون الأجر والكرم من والد الصبي، صحيح أن جده عبد المطلب شيخ مكة، ولكن المعروف لدى الجميع أن الكرم الأكثر يكون من الأب)

ومهما كانت الأسباب..

إنها إرادة الله عز وجل، أليس هذا محمد صلى الله عليه وسلم {حبيب الله}، ألم يخبره   بمنزلته عند رب العالمين {واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا}

نترك الأسباب، وننظر الى إرادة المسبب، فالله عز وجل سبحانه، صرف كل المراضع عنه، إلا حليمة السعدية!

يتبع بإذن الله..


ليست هناك تعليقات: