الأحد، 26 يوليو 2020

هذا الحبيب (11)

هذا الحبيب (11)
حادثة أصحاب الفيل، الجزء الثاني
جهز أبرهة جيشه، وانطلق به في اتجاه الكعبة، وكان من تجهيزات هذا الجيش (الفيلة والخيل والجمال)
تقدم أبرهة بجنده، وكان يركب على فيل عظيم، وأمر جنده أن يتبعوه.
كان الطريق الى مكة طويلاً، فكان كلما مر على قبيلة من قبائل العرب، بعث فرقة من جنده وأغاروا عليها، ينهب أموالهم وأغنامهم وإبلها (ليطعم جيشه الضخم، في الطريق)
بعض القبائل عندما سمعت بمسير أبرهة وجيشه، خافوا وهربوا وتركوا ديارهم، 
بعض العرب حاولوا قتاله، ولكنهم فشلوا، كان جيشاً قوياً ومنظماً..
وطبعا كحال أي زمان ومكان (بعضهم ساعدوه لينالوا رضاه)
_____
حتى وصل الى منطقة قريبة من مكة، فأقام فيها 
ثم أرسل فرقة من جيشه، فنهبت الإبل والأغنام لقريش، التي كانت ترعى في الجبال والشعاب 
(من ضمنها، إبلاً لعبد المطلب، جد الحبيب صلى الله عليه وسلم)
فلما علم أهل مكة بالأمر، اجتمعوا للتشاور، وكان الخوف الشديد يملأ بيوت مكة 
قالوا: لا طاقة لنا بأبرهة وجيشه (أهل مكة ليس عندهم جيش منظم ومدرب، والذي زاد خوفهم أكثر الفيلة الضخمة، التي تحمل الجنود)
ثم بعث أبرهة، رسولاً من عنده لأهل مكة، قال له: اذهب إليهم، واسأل عن سيد هذا البلد وقل له:
 (إن الملك يقول لك، إنه لم يأتِ لحربكم، وإنما لهدم هذا البيت، فلا تتعرضوا لنا للقتال، وأخلوا لنا المكان كي نهدم هذا البيت، فإن قالوا لك أنهم لا يريدون القتال، فأحضر لي سيدهم أتشاور معه)
فدخل رسول أبرهة مكة، وسأل عن سيد قريش 
قالوا له: عبد المطلب سيد مكة وشيخها 
فحضر عبد المطلب، فقال له الرسول ما أمره به أبرهة 
فقال عبد المطلب: واللهِ لا نريد حربه، وليس عندنا طاقة لحربه ولكن، هذا بيت الله الحرام، وبيت خليله إبراهيم، فإن أراد الله منع أبرهة من بيته وحرمه منعه، وإن أراد أن يخلي بينه وبين بيته، فنحن لا طاقة لنا بقتال أبرهة.
فقال له الرسول: انطلق معي يا شيخ مكة، فالملك يريد مقابلتك.
_____
فذهب عبد المطلب لمقابلة أبرهة، فاستأذن للدخول عليه 
قال أبرهة: من هذا الذي يطلب الدخول؟
قالوا له: هذا عبد المطلب شيخ مكة، هو الذي يطعم الناس والطير والسباع، من كرمه وجوده، ويؤمّن الحجيج ويسقي الماء (فأعجب أبرهة بخصال عبد المطلب) 
فلما دخل عبد المطلب، وكان رجلاً طويلاً وعظيماً له هيبة وجمال. 
فلما رآه أبرهة، وثب واقفاً، ورحب به، وكان من عادة أبرهة يجلس على سرير ملكه، والناس تجلس تحته، فأراد أن يُجلس عبد المطلب بجانبه لشدة هيبته، وكره أن تراهُ حاشيته وهو يجلسه بجانبه.. 
نزل أبرهة عن سريره، وجلس على البساط وأجلسه معه الى جانبه.. 
ثم قال أبرهة لترجمانه‏:‏‏‏ قل له‏:‏‏‏ حاجتك‏‏‏؟‏‏‏ 
فقال له ذلك الترجمان، فقال‏‏‏:‏‏‏ حاجتي أن يرد عليَّ الملك مائتي بعير أصابها لي، 
فلما قال له ذلك، قال أبرهة لترجمانه‏‏‏:‏‏‏ قل له‏‏‏:‏‏‏ قد كنت أعجبتني حين رأيتك، ثم قد زهدت فيك حين كلمتني، أتكلمني في مائتي بعير أصبتها لك، وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك قد جئتُ لهدمه، ولا تكلمني فيه‏‏‏!‏‏‏ 
قال له عبد المطلب‏‏‏:‏‏‏ إني أنا رب الإبل (أي صاحبها) وإن للبيت رباً سيحميه
قال ‏‏‏أبرهة:‏‏‏ ما كان ليمتنع مني (أي لا يستطيع رب البيت أن يقف بوجهي)
قال عبد المطلب له‏‏‏:‏‏‏ أنت وذاك (بمعنى أنت حر)
فأعاد له أبرهة الإبل، وأخذ يضحك ويقول: للبيت رب يحميه، للبيت رب يحميه، يضحك. 
______ 
رجع عبد المطلب لمكة واجتمع بقومه
 قالت له قريش: ما الحيلة يا شيخ مكة؟ (ما هو الحل)
 قال: لا حيلة لنا، لا نستطيع رد أبرهة ولكن الله يستطيع، فأصعدوا إلى رؤوس الجبال ولا تقاتلوا واتركوه هو ورب البيت.
ثم ذهب عبد المطلب للكعبة وأخذ بحلقة باب الكعبة وقال: إن المرء منا ليحمي رحله.. اللهم فاحمِ بيتك، دعا الله وهز الحلقة ثم قال لقومه اصعدوا إلى الجبال وانظروا ما يكون بين أبرهة ورب البيت، 
صعدوا وأخذوا يترقبون وينظرون.
مكة تترقب وكل العرب في الجزيرة العربية تنتظر أخبار أبرهة وهدمه للكعبة.. 
______
تجهز أبرهة هو وجنده لدخول مكة وهدم (الكعبة)
فلما وصل أبرهة للكعبة، وكان يركب على أعظم وأكبر فيل في الحبشة.. 
هذا الفيل كان إذا تقدم، تقدمت خلفه كل الفيلة، وإذا برك تبرك كل الفيلة، كانت الفيلة مدربة على إتباعه. 
فلما وصل هذا الفيل ورأى الكعبة، برك وبركت خلفه كل الفيلة 
فأداروا وجهه الى جهة اليمن فقام يجري وقامت كل الفيلة خلفه تتبعه، فوجهوه للكعبة فبرك للأرض ولم يتحرك.. 
فأمرهم أبرهة بضربه بالحديد فضربوه، فأبى الحركة، 
  فوجهوه راجعاً إلى اليمن، فقام يهرول، ووجهوه إلى الشام ففعل مثل ذلك، ووجهوه إلى المشرق ففعل مثل ذلك، ووجهوه إلى مكة فبرك. ‏‏‏
قال أبرهة: أسقوه الخمر كي يفقد عقله، لعله استجاب. 
فأسقوه الخمر ولكن من غير فائدة. 
فاشتعل أبرهة غضباً من الفيل وسلَّ سيفه وطعن الفيل بين عينيه فأراده قتيلاً
_____
وفجأة شعروا، بأشعة الشمس تنحجب..
نظروا فوقهم، وإذ هي طيور كالغمام الممطر قد حجبت ضوء الشمس من كثرتها، 
جاء أمر الله العلي القدير، جاء أمر مالك الملك 
(أيحسب أن لن يقدر عليه أحد)
طيور أبابيل (أبابيل: أسراب ضخمة من الطيور يلحق بعضها بعضا) 
يقول أهل مكة عن هذه الطيور: (لم نر مثلها من قبل ولا بعد، رؤوسها تشبه رؤوس السباع)
وكان كل طير يحمل ثلاثة أحجار: في منقاره حجر، وفي رجليه حجرين بحجم حبة العدس.. 
فجاءت حتى وقفت على رءوسهم، ثم صاحت وألقت ما في أرجلها ومناقيرها.. 
فوقعت الحجارة عليهم، فكانت تنزل على رأس الرجل تخرج من دبره.. 
وبعث الله ريحاً شديدة فزادتها شدة.
 حتى جعلهم ربنا كما قال (كعصف مأكول) أي القمح لمّا تستخرج الحبة من البذرة منه وتتناثر القشرة هنا وهناك، فكل رجل كان يسقط عليه حجر يتناثر لحمه عن عظمه والدماء تسيل منه حتى يهلك.
حتى من هرب من الجند وقد أصابه الحجر كان على الطريق تتساقط أعضاؤه عضواً عضواً، حتى أصبحوا كابن الفرخ (الطير الصغير ليس له ريش)
هكذا حمى الله بيته (للبيت ربٌ يحميه)  
وكان بين حادثة الفيل ومولد الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم خمسون يوماً.. 
حمى الله البيت استعداداً لهذا المولود، ورجعت قريش وقد عرفوا عظمة الله وعظمة هذا البيت.
 وهنا أخذ الكون كله يستعد ويتحضر لاستقبال هذا النور النبوي المحمدي صلى الله عليه وسلم 
يتبع بإذن الله..

ليست هناك تعليقات: