الأحد، 26 يوليو 2020

هذا الحبيب (17)

هذا الحبيب (17)
(حليمة السعدية، الجزء الثاني)
أخذت حليمة النبي صلى الله عليه وسلم، ورجعت الى رحلها.. 
تقول: وكنت قد أتيت الى مكة على أتان (أي أنثى الحمار) كانت هزيلة ضعيفة، وكان معنا ناقة، والله لقد جف ضرعها.
فكانت تركب على هذه الحمارة وهم ذاهبون لمكة..
تقول حليمة: فكانوا يسبقوني، وأتاني (أنثى الحمار) التي أركبها لا تستطيع أن تلحق بهم!
فيقولون: يا حليمة، يا حليمة قد أعييتِ الركب (أي أسرعي قليلاً، فقد تأخرنا جميعاً، تعبنا منك بسبب سيرك البطيء)
تقول حليمة: فلما أخذت محمداً، ورجعت به الى راحلتي، عرضت عليه ثديي، وما كان في صدري ما يشبع إبني (عبد الله أخو النبي في الرضاعة، كان لا يرتوي من حليب أمه حليمة) فلا ننام الليل من بكاءه، فلما وضعت محمداً في حجري، وعرضت عليه ثديي الأيمن، اهتز صدري وانفجر فيه اللبن.
فشرب حتى ارتوى (صلى الله عليه وسلم) ففرحتُ، فأعطيته ثديي الآخر فلم يأخذه (وكأن الله عز وجل، ألهمه أن له شريك في هذا اللبن، فأخذ واحداً وترك الآخر لأخيه عبد الله، لأنه صلى الله عليه وسلم جاء بالعدل، فإن لم يعدل محمد رسول الله، فمن يعدل؟)
تقول حليمة: فلم يأخذ الثاني طوال سنتين. 
قالت: فوضعت إبني على الثاني، فرضع وشبع.
____
ثم قام زوجي أبو كبشة الى الناقة (الناقة التي معهم ضرعها قد نشف، ليس فيها حليب)
فقام إليها وإذا ضرعها قد امتلأ باللبن! 
 فقال أبو كبشة لحليمة وهو يضحك من الفرح: يا حليمة؛ ألم أقل لك إن هذا الصبي بركة؟
فحلبها وشربنا ونمنا بخير ليلة..
في الصباح، تجهز القوم للسفر ليعودوا لديارهم، ديار بني سعد (المسافة من مكة لديار بني سعد، حوالي 150 كم، منطقة جبلية ومرتفعة عن سطح البحر، جوها لطيف)
تقول حليمة: ركبت الأتان (الحمارة) والتي كانت من النحافة لدرجة أن أقدامها تضرب بعضها ببعض عندما تمشي لدرجت أنها جرحت نفسها.. 
 تقول: فلما ركبت وحملت محمداً معي، إذا بها انطلقت وكأنها تسابق الركب! 
وصاحباتي يقولون: يا حليمة، يا حليمة، أتعبتينا في طريقنا الى مكة، ونحن ننتظرك لتلحقي بنا 
والآن أتعبتينا ونحن نلحق بك. 
أليست هذه أتانك (الحمارة) التي أتيتِ بها من ديارنا؟
فترد عليهم حليمة: بلى هي! 
يقولون لها: قولي لنا، ما شأنها ما الذي حلّ بها (أي ما قصتها)
تقول: لا أدري 
فيقولون لها: فعلاً إن أمرها لعجيب (كانت ضعيفة جداً؛ ما الذي جعلها بهذه القوة)
(ذلك ببركة نبيكم وحبيبكم محمد صلى الله عليه وسلم)
______
حتى اقتربوا من سوق عكاظ (كانت قبائل العرب تجتمع في هذا السوق للتجارة، وتعرض بضاعتها، وتبدأ كل قبيلة تلقي الشعر والقصائد بمدح قبائلهم ويتفاخروا، فيعكظ كل واحد على الآخر بالشعر، أي يتفاخر، لذلك كان هذا سبب تسميته سوق عكاظ)
طبعاً كل منطقة تجارية، من الذي يتواجد فيها دائماً؟
(اليهود طبعاً، فاليهود إذا بحثت عنهم، تجدهم عند المال، هم أهل المادة، سياستهم مسك العصب الرئيسي للاقتصاد)
لما نظر أحبار اليهود لقافلة بني سعد قادمة من بعيد، عرفوا أن هذه القافلة تحمل رسول الله!
كيف عرفوا؟

ليست هناك تعليقات: