الأحد، 26 يوليو 2020

هذا الحبيب (14)

هذا الحبيب (14)
الأحبار والرهبان، يوم مولده صلى الله عليه وسلم
حملهُ عبد المطلب، حتى وصل الكعبة، وفُتِح لهُ بابها، ودخل إليها وهو يحمله، ثم خرج وطاف فيها، وهو مسرور ويردد ويقول: 
(الحمد لله الذي أعطاني هذا الغلام، أعيذه بالبيت ذي الأركان من كل حاسد)
ثم رجع الى آمنة، أعطاها إياه 
وقال لها: إحرصي عليه 
ثم انطلق عبد المطلب مسرعاً الى الراهب النصراني (عيص) يستوثق منه.
_____
أهل الكتاب، الأحبار والرهبان، في شهر مولده كلهم كانوا منتظرين مولده، وعندهم علامات ظهور نجمه وصفاته، وأن مولده في مكة 
فلم يكن ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم مفاجأة.. بل علم به الكثير من أهل الكتاب 
الرهبان: (علماء الدين النصارى)
الأحبار: (رجال الدين اليهود)
عندنا في الإسلام، لا يوجد شيء اسمه رجال دين
فليس منا إلا عالم أو متعلم 
ليس عندنا ترتيب هرمي في الإسلام يشبه الرتب العسكرية
في الإسلام (رُبَّ أشعث أغبر مدفوع بالأبواب، لو أقسم على الله لأبرَّه)
عندنا في الإسلام (بدويّ يدخل على النبي صلى الله عليه وسلم، وهو جالس على الأرض مع الناس فيسأل: أيّكم محمد؟)
في الإسلام ليس هناك واسطة بينك وبين الله 
(وإذا سألك عبادي عَني فإني قريب أجيب دَعوة الداعِ إذا دَعان)
 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فذهب عبد المطلب يستوثق من الراهب النصراني (عيص) عن هذا المولود، لأنه كان يرجو أن يكون لهذا المولود شأن عظيم.
من هو الراهب عيص؟
رجل جاء من بلاد الشام الى مكة، راهب من النصارى، وسكن في طرف مكة في صومعة، واسمه (عيص)، وكان هو المرجع الوحيد في علم النصارى في ذلك الوقت.
عندما اقترب مولد النبي صلى الله عليه وسلم، جاء لمكة ينتظر مولده.
سكن عيص في أطراف مكة، فكان يدخل مكة كل فترة من الزمن، ويجلس في أندية قريش 
(قلنا إن الأندية كانت حول الكعبة، مجالس يجلس فيها الرجال، فيها يجتمعون ويتحدثون)
فيدخل الراهب عيص في أندية قريش، وأسواقها ويسأل..
يقول: يا معشر قريش، هل ولد فيكم مولود؟
وله من الصفات كذا وكذا!
فيقولون له: يا عيص، الذي تصفه لم يولد بعد!
فيقول لهم عيص: ورب موسى وعيسى، ما تركتُ بلاد الخمر والخمير (يقصد بلاد الشام وخيراتها) وجئت هنا، إلا في طلب هذا المولود، فإن هذا زمن خروجه.. 
يولد في بلدكم (أي مكة)، هو خاتم الأنبياء والمرسلين، وبه تُختم الشرائع 
من أطاعه فقد اهتدى، ومن عصاه فقد خاب وخسر. 
(فكان كل فترة يمر ويسألهم، فيقولون له ولد فلان وفلان، ويعطونه أوصافهم، فيقول لهم: لا لا ليس هو)
_____
ففي اول يوم من مولدهِ صلى الله عليه وسلم وفي صبيحة ذلك اليوم، لما ولد صلى الله عليه وسلم، وأخذه جده وطاف به بالكعبة ورأى صفات المولود، ورجع أعطاه لأمه، وأوصاها عليه، هنا تذكر عبد المطلب الراهب عيص فأراد أن يذهب إليه ويستوثق منه الخبر .
_____
انطلق عبد المطلب مسرعاً، الى صومعة عيص، فعندما وصل للصومعة، أخذ ينادي عيص.. عيص 
فقال له عيص: كن أباه يا شيخ مكة..؟ 
فقال عبد المطلب مستغرباً: من؟!
قال عيص: لقد ولد الذي كنت قد حدثتكم عنه، وربِ موسى وعيسى إنه وجع يشتكي ثلاثة أيام ثم يعافى (أي هذا المولود قد أصابه بعض المرض)
احفظ لسانك يا عبد المطلب (أي لا تتكلم عنه لأحد)
فإنه لا يحسد حسده أحد (أي إذا علموا عنه شيئاً، فالناس الحاقدة ستسعى لأذيته ، وإذا وقع في مصيبة يتشمتون به)
وإياك واليهود، فيبغون عليه، كما بغوا على الانبياء قبله (أي اليهود معروفون أنهم قتلة الانبياء، فإذا سمعوا به اليهود قتلوه، كما قتلوا الانبياء قبله)
فقال عبد المطلب: يا عيص! لقد ولد لإبني =عبد الله المتوفى قبل أشهر ولد)
فقال عيص: هو ذاك يا عبد المطلب، هو ذاك، وربِّ موسى وعيسى 
 إنا لنجد في كتبنا أنه يولدُ يتيماً، فاحفظ لسانك واحرص عليه.
____
توجد أخبار كثيرة عن الأحبار اليهود والرهبان من النصارى بمعرفتهم، في يوم مولدهِ وصفاته ولكن نكتفي بقصة الراهب (عيص) ويكفينا قوله تعالى فيهم: 
(الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقاً منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون)
يتبع بإذن الله..

ليست هناك تعليقات: