الأحد، 26 يوليو 2020

هذا الحبيب (12)

هذا الحبيب (12)
❤ مولد الحبيب صلى الله عليه وسلم ❤
______
ولد صلى الله عليه وسلم، وتشرف هذا الكون، بأطهر مخلوق وأشرفهم عند ربِ العالمين 
في صباح يوم الإثنين {ربيع الأول}
ما الحكمة في أنه ولد في شهر الربيع؟
لماذا لم يولد في رمضان وهو أشرف الشهور؟
ولماذا لم يولد في الأشهر الحرم؟
ولماذا لم يولد يوم الجمعة؟
{لأن الشهور والأيام هي التي تتشرف بالرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يتشرف هو بالأيام}
فلو كانت ولادته في رمضان أو الأشهر الحرم لقال الناس: بورك فيه بفضل تلك الأيام 
[ولكن رسولنا صلى الله عليه وسلم أشرف من تلك الأيام، فالأيام والشهور هي التي تتشرف في ولادته، لذلك كان شهر ربيع الأول من الأشهر المباركة] حتى عندما يُذكر اسم الربيع، تطمئن القلوب والنفوس له.
_____
كانت ولادته، صلى الله عليه وسلم، أول ساعة من النهار 
[قالوا عند الفجر، والبعض قال عند الضحى أول ما تظهر الشمس]
آمنة أم النبي صلى الله عليه وسلم، هي التي ستخبرنا ما حدث معها عند الولادة، عن طريق الصحابية الجليلة {شفاء} رضي الله عنها
[شفاء هي أم الصحابي الجليل (عبد الرحمن بن عوف) رضي الله عنه، وكانت من الأوائل الذين أسلموا، وهي القابلة التي وقفت مع آمنة أثناء الولادة]
_____
تقول آمنة أم النبي صلى الله عليه وسلم: 
أخذني ما يأخذ النساء [تقصد الطلق]
ولم يكن عندي أحد، ولم يعلم بي من أحد [كانت وحيدة في البيت] 
تقول: فسمعت جبّةً عظيمة [مثل شيء ضخم وقع على الأرض وأصدر صوتاً عظيماً]
فخِفت، فسمعت صوتاً بعده أكبر من الذي قبله، فزاد خوفي
ثم رأيت نوراً في المكان خرج منه كجناح أبيض 
 ورأيت كأن رجالاً قد وقفوا في الهواء وبأيديهم أباريق من فضة 
فأخذني المخاض [بدأت الولادة]
فخرج مني نور أضاءت له قصور الشام 
فكشف الله عن بصري فرأيت مشارق الأرض ومغاربها 
فدخلت عليها {شفاء} رضي الله عنها
تقول شفاء: فنزل صلى الله عليه وسلم من أمه لا كما ينزل الصبية [شفاء عندها خبرة، فهي التي كانت تولّد نساء مكة، فهي تعرف أن المولد عندما ينزل، ينزل من رأسه للأسفل]
تقول شفاء: نزل معتمداً على ركبتيه وكفيه، ساجداً ينظر بطرف عينه للسماء كالمتضرع المبتهل لله 
ثم 
تقول شفاء: فحملته، ونظرتُ الى وجهه، وإذا به كالقمر ليلة البدر يتلألأ نوراً
وريحه ريح كالمسك يسطع منه، فأردت أن أصنع له ما يُصنع للمولود، فإذا به لا يحتاج لشيء، مقطوع السرة..
[أرادت شفاء أن تقطع الحبل السري، وتنظفه مثل أي مولود] 
تقول شفاء: كان مختوناً [مطهر طهور الأطفال]
مختوناً، نظيفاً مطيباً، ريحه المسك، مكحل العيون 
_____
تقول شفاء: فما كان مني إلا أن ألبسته ثيابه وأعطيته لأمه 
[لأنه ليس بحاجة لشيء صلى الله عليه وسلم]
يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم عن نفسه: 
{إِنِّي دَعْوَة أَبِي إِبْرَاهِيم، وَبِشَارَة عِيسَى بِي، وَرُؤْيَا أُمِّي الَّتِي رَأَتْ}
____
وُلد {المصطفى صلى الله عليه وسلم وتشرف الكون بولادته}
وأرسلت آمنة الى جده عبد المطلب، على الفور وكان عند الكعبة، أنه قد ولد لك مولود فتعال فانظر إليه، فلم سمع الخبرَ عبدُ المطلب، انطلق مسرعاً إليها مسروراً مندهشاً تغمره السعادة، 
ولد لابني عبدُ الله الذي توفى قبل شهور مولود، 
فلما وصل عبد المطلب ونظر للرسول صلى الله عليه وسلم..
يتبع بإذن الله..

هذا الحبيب (11)

هذا الحبيب (11)
حادثة أصحاب الفيل، الجزء الثاني
جهز أبرهة جيشه، وانطلق به في اتجاه الكعبة، وكان من تجهيزات هذا الجيش (الفيلة والخيل والجمال)
تقدم أبرهة بجنده، وكان يركب على فيل عظيم، وأمر جنده أن يتبعوه.
كان الطريق الى مكة طويلاً، فكان كلما مر على قبيلة من قبائل العرب، بعث فرقة من جنده وأغاروا عليها، ينهب أموالهم وأغنامهم وإبلها (ليطعم جيشه الضخم، في الطريق)
بعض القبائل عندما سمعت بمسير أبرهة وجيشه، خافوا وهربوا وتركوا ديارهم، 
بعض العرب حاولوا قتاله، ولكنهم فشلوا، كان جيشاً قوياً ومنظماً..
وطبعا كحال أي زمان ومكان (بعضهم ساعدوه لينالوا رضاه)
_____
حتى وصل الى منطقة قريبة من مكة، فأقام فيها 
ثم أرسل فرقة من جيشه، فنهبت الإبل والأغنام لقريش، التي كانت ترعى في الجبال والشعاب 
(من ضمنها، إبلاً لعبد المطلب، جد الحبيب صلى الله عليه وسلم)
فلما علم أهل مكة بالأمر، اجتمعوا للتشاور، وكان الخوف الشديد يملأ بيوت مكة 
قالوا: لا طاقة لنا بأبرهة وجيشه (أهل مكة ليس عندهم جيش منظم ومدرب، والذي زاد خوفهم أكثر الفيلة الضخمة، التي تحمل الجنود)
ثم بعث أبرهة، رسولاً من عنده لأهل مكة، قال له: اذهب إليهم، واسأل عن سيد هذا البلد وقل له:
 (إن الملك يقول لك، إنه لم يأتِ لحربكم، وإنما لهدم هذا البيت، فلا تتعرضوا لنا للقتال، وأخلوا لنا المكان كي نهدم هذا البيت، فإن قالوا لك أنهم لا يريدون القتال، فأحضر لي سيدهم أتشاور معه)
فدخل رسول أبرهة مكة، وسأل عن سيد قريش 
قالوا له: عبد المطلب سيد مكة وشيخها 
فحضر عبد المطلب، فقال له الرسول ما أمره به أبرهة 
فقال عبد المطلب: واللهِ لا نريد حربه، وليس عندنا طاقة لحربه ولكن، هذا بيت الله الحرام، وبيت خليله إبراهيم، فإن أراد الله منع أبرهة من بيته وحرمه منعه، وإن أراد أن يخلي بينه وبين بيته، فنحن لا طاقة لنا بقتال أبرهة.
فقال له الرسول: انطلق معي يا شيخ مكة، فالملك يريد مقابلتك.
_____
فذهب عبد المطلب لمقابلة أبرهة، فاستأذن للدخول عليه 
قال أبرهة: من هذا الذي يطلب الدخول؟
قالوا له: هذا عبد المطلب شيخ مكة، هو الذي يطعم الناس والطير والسباع، من كرمه وجوده، ويؤمّن الحجيج ويسقي الماء (فأعجب أبرهة بخصال عبد المطلب) 
فلما دخل عبد المطلب، وكان رجلاً طويلاً وعظيماً له هيبة وجمال. 
فلما رآه أبرهة، وثب واقفاً، ورحب به، وكان من عادة أبرهة يجلس على سرير ملكه، والناس تجلس تحته، فأراد أن يُجلس عبد المطلب بجانبه لشدة هيبته، وكره أن تراهُ حاشيته وهو يجلسه بجانبه.. 
نزل أبرهة عن سريره، وجلس على البساط وأجلسه معه الى جانبه.. 
ثم قال أبرهة لترجمانه‏:‏‏‏ قل له‏:‏‏‏ حاجتك‏‏‏؟‏‏‏ 
فقال له ذلك الترجمان، فقال‏‏‏:‏‏‏ حاجتي أن يرد عليَّ الملك مائتي بعير أصابها لي، 
فلما قال له ذلك، قال أبرهة لترجمانه‏‏‏:‏‏‏ قل له‏‏‏:‏‏‏ قد كنت أعجبتني حين رأيتك، ثم قد زهدت فيك حين كلمتني، أتكلمني في مائتي بعير أصبتها لك، وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك قد جئتُ لهدمه، ولا تكلمني فيه‏‏‏!‏‏‏ 
قال له عبد المطلب‏‏‏:‏‏‏ إني أنا رب الإبل (أي صاحبها) وإن للبيت رباً سيحميه
قال ‏‏‏أبرهة:‏‏‏ ما كان ليمتنع مني (أي لا يستطيع رب البيت أن يقف بوجهي)
قال عبد المطلب له‏‏‏:‏‏‏ أنت وذاك (بمعنى أنت حر)
فأعاد له أبرهة الإبل، وأخذ يضحك ويقول: للبيت رب يحميه، للبيت رب يحميه، يضحك. 
______ 
رجع عبد المطلب لمكة واجتمع بقومه
 قالت له قريش: ما الحيلة يا شيخ مكة؟ (ما هو الحل)
 قال: لا حيلة لنا، لا نستطيع رد أبرهة ولكن الله يستطيع، فأصعدوا إلى رؤوس الجبال ولا تقاتلوا واتركوه هو ورب البيت.
ثم ذهب عبد المطلب للكعبة وأخذ بحلقة باب الكعبة وقال: إن المرء منا ليحمي رحله.. اللهم فاحمِ بيتك، دعا الله وهز الحلقة ثم قال لقومه اصعدوا إلى الجبال وانظروا ما يكون بين أبرهة ورب البيت، 
صعدوا وأخذوا يترقبون وينظرون.
مكة تترقب وكل العرب في الجزيرة العربية تنتظر أخبار أبرهة وهدمه للكعبة.. 
______
تجهز أبرهة هو وجنده لدخول مكة وهدم (الكعبة)
فلما وصل أبرهة للكعبة، وكان يركب على أعظم وأكبر فيل في الحبشة.. 
هذا الفيل كان إذا تقدم، تقدمت خلفه كل الفيلة، وإذا برك تبرك كل الفيلة، كانت الفيلة مدربة على إتباعه. 
فلما وصل هذا الفيل ورأى الكعبة، برك وبركت خلفه كل الفيلة 
فأداروا وجهه الى جهة اليمن فقام يجري وقامت كل الفيلة خلفه تتبعه، فوجهوه للكعبة فبرك للأرض ولم يتحرك.. 
فأمرهم أبرهة بضربه بالحديد فضربوه، فأبى الحركة، 
  فوجهوه راجعاً إلى اليمن، فقام يهرول، ووجهوه إلى الشام ففعل مثل ذلك، ووجهوه إلى المشرق ففعل مثل ذلك، ووجهوه إلى مكة فبرك. ‏‏‏
قال أبرهة: أسقوه الخمر كي يفقد عقله، لعله استجاب. 
فأسقوه الخمر ولكن من غير فائدة. 
فاشتعل أبرهة غضباً من الفيل وسلَّ سيفه وطعن الفيل بين عينيه فأراده قتيلاً
_____
وفجأة شعروا، بأشعة الشمس تنحجب..
نظروا فوقهم، وإذ هي طيور كالغمام الممطر قد حجبت ضوء الشمس من كثرتها، 
جاء أمر الله العلي القدير، جاء أمر مالك الملك 
(أيحسب أن لن يقدر عليه أحد)
طيور أبابيل (أبابيل: أسراب ضخمة من الطيور يلحق بعضها بعضا) 
يقول أهل مكة عن هذه الطيور: (لم نر مثلها من قبل ولا بعد، رؤوسها تشبه رؤوس السباع)
وكان كل طير يحمل ثلاثة أحجار: في منقاره حجر، وفي رجليه حجرين بحجم حبة العدس.. 
فجاءت حتى وقفت على رءوسهم، ثم صاحت وألقت ما في أرجلها ومناقيرها.. 
فوقعت الحجارة عليهم، فكانت تنزل على رأس الرجل تخرج من دبره.. 
وبعث الله ريحاً شديدة فزادتها شدة.
 حتى جعلهم ربنا كما قال (كعصف مأكول) أي القمح لمّا تستخرج الحبة من البذرة منه وتتناثر القشرة هنا وهناك، فكل رجل كان يسقط عليه حجر يتناثر لحمه عن عظمه والدماء تسيل منه حتى يهلك.
حتى من هرب من الجند وقد أصابه الحجر كان على الطريق تتساقط أعضاؤه عضواً عضواً، حتى أصبحوا كابن الفرخ (الطير الصغير ليس له ريش)
هكذا حمى الله بيته (للبيت ربٌ يحميه)  
وكان بين حادثة الفيل ومولد الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم خمسون يوماً.. 
حمى الله البيت استعداداً لهذا المولود، ورجعت قريش وقد عرفوا عظمة الله وعظمة هذا البيت.
 وهنا أخذ الكون كله يستعد ويتحضر لاستقبال هذا النور النبوي المحمدي صلى الله عليه وسلم 
يتبع بإذن الله..

هذا الحبيب (10)

هذا الحبيب (10)
حادثة أصحاب الفيل، الجزء الأول
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ، أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ، وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ، تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ، فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ}
____
عندما استولى ملك الحبشة على أرض اليمن ولّى عليها رجلاً من الأحباش حاكماً عليها، اسمه (أبرهة الأشرم)
 (الأشرم لقب له، كان أبرهة رجلاً.. قصير وناصح، تبارز يوماً مع رجل ضخم، فضربه الرجل بالحربة على جبهته فشرم حاجبه، وأنفه، وعينه، وشفته، أي جرحها) لذلك سُمي أبرهة الأشرم 
فكان (أبرهة حاكم لليمن) وله جيش قوي، وبما أنه حاكم جديد على هذا البلد، ولا يعرف طبيعة أهلها استغرب عندما رأى كثيراً من أهل اليمن يشدون الرحال الى مكة في موسم الحج، فسأل أتباعه ما ذاك؟ 
قالوا له: يحجون 
قال لهم: والى أي شيء يحجون؟
قالوا له: الى الكعبة 
قال: وماهي الكعبة؟
قالوا: هي بيت يعتقد العرب أنه بيت الله في الأرض، بناه جدهم إبراهيم 
قال: أخبروني عنه، من أي شيء صنع هذا البيت؟
قالوا له: من الحجارة ولا سقف له!
قال لهم: وما كسوته؟
قالوا له: كسوته من مخطوطات يمنية (كان ستار الكعبة في الجاهلية يصنع في بلاد اليمن، قطع قماش تسمى مخطوطات، لونها أحمر وأسود)
ففكر أبرهة بالأمر، ثم استشار المقربين منه، قال" ما رأيكم أن نبني كنيسة للعرب في اليمن، أفضل من هذا البيت؟
فأُعجبوا بالفكرة، ووافقوه عليها.
______
فبدأ ببناء كنيسة عظيمة في صنعاء، وبالغ جداً في زخرفتها، وزينها بأنواع الزمرد والياقوت، وكساها بأجمل القماش.. (حتى يجذب الناس إليها، ويصرف انظارهم عن الكعبة)
ثم طلب من العرب، أن يحجوا إليها.. فاستهزأ العرب منه؛ قالوا نترك كعبة أبينا أبراهيم بيت الله، لنحج الى كنيسة أبرهة؟!
ومضت الأيام ولم يأتِ إليها أحد (فشعور أبرهة كان شعور الفشل والخيبة)
لم يستجب الناس إليه، حتى جاء رجل من أهل الحجاز ليلاً، ودخلها، حتى وصل إلى أرفع وأجمل مكان فيها، وتغوط عليها (يعني قضى حاجته عليها) ثم لطخها بالنجاسة 
وقال: هذا حجنا إليها يا أبرهة، ثم انصرف.
______
في الصباح، عندما استيقظ أبرهة من نومه، أخبروه حاشيته بما حدث ليلاً من ذلك الرجل 
فاشتعل أبرهة من الغضب، وأقسم ليهدمن كعبة العرب، وحمل حملته على العرب وجهز جيشاً ضخماً لم يُر مثله لكي يهدم الكعبة وينتقم منهم..
تقدم أبرهة بجنده بفيل عظيم، وفي طريقه كان يبعث جنوده على قبائل العرب ليغزوهم، ويأخذ طعامهم وشرابهم، لينفقها على جيشه..
حاولت قبائل عربية التصدي له ولكنها باءت بالفشل والهزيمة أمام جيشه..
بعض القبائل عندما سمعت بقدومه، تركت منازلها وهربت الى الجبال..
كل العرب وقبائل العرب لم تستطع الوقوف في وجه أبرهة وجنده..
كان جيش ابرهة عبارة عن (عاصفة دمرت قبائل العرب) 
يتبع بإذن الله..

هذا الحبيب (9)

هذا الحبيب (9)
إرهاصات النبوة
قبل مولدِ النبي صلى الله عليه وسلم بخمسين يوماً، وقعت حادثة اهتز لها العرب جميعاً، وهي حادثةُ الفيل، وكانت من إرهاصاتِ النُبوة قبل مولدهِ.
فما هي الإرهاصة، والمعجزة، والكرامة، والاستدراج، والإهانة 
هي خمسُ أسماءٍ لمسمىً واحد وهو الأمرُ الخارقُ للعادة
_____
الإرهاصة: هي أمرٌ خارق، يحدثُ لأي نبي قبل مولده، أو قبل أن ينزل الوحي عليه، وهي عبارة عن تجهيز لحضوره، تماماً مثل حادثة (أصحاب الفيل) قبل مولده صلى الله عليه وسلم، بخمسين يوماً، وسنأتي على ذكرها إن شاء الله.
___
المعجزة: عندما يُوحى إلى نبي ويتسلم مهام الرسالة، ويقول للناس إني رسول الله إليكم، ويأتي بأمر خارقٍ للعادة، دليل على صدقهِ.
____
الكرامة: أمرٌ خارق، يحدث لإنسان صالح.. مثل الصحابة رضوان الله عليهم، والأولياء.
____
الاستدراج: يكون لإنسان منافق، يعتقد الناس أنه من الصالحين، يستدرجهُ الله بأمرٍ خارق، حتى يوردهُ في النهاية للهاوية.
قال تعالى: {سنستدرجُهم من حيثُ لا يعلمون وأملي لهم إن كيدي متين}
____
الإهانة: هي أمرٌ خارق، يحدثُ لمن يدّعي أنهُ نبي، مثل مسليمة الكذاب 
إدعى مسيلمة النبوة، وأنه شريكٌ لمحمد في الأرض بالرسالة.
قومهُ كانوا يعلمون أنه كاذب، فأردوا أن يستهزؤوا به،
 قالوا: يا مسيلمة، محمد قد ظهر على يده خوارق 
قال: لهم ماذا تريدون؟ 
قالوا: بلغنا أن محمداً، قد بصق في عين أحد أصحابه، بعد أن قُلعت من مكانها في إحدى الغزوات (يقصدون الصحابي قتادة رضي الله عنه، عندما قُلعت عينه في (غزوة أُحد) فجاء يحملُها على كفه، فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم وأرجعها مكانها وبصق عليها، فرجعت تبرُق في وجهِ قتادة وعادت مكانها، وكان يقول قتادة: والذي بعث محمداً بالحق، لإني أرى فيها أفضل من عيني السليمة)
قال مسيلمة: أحضروا لي رجلاً أعوراً، فأحضروه له 
فبصق في عينهِ من أجلِ ان يُشفى، فعميت عينه (هذا أمر خارق، لو بصق كل الناس في عين شخص، لا يعمى)
فضحك الناس عليه 
قال لهم: هاتوا غيرها 
قالوا له: بلغنا أن محمداً، جاء الى بئر ماء مالح وقليل لا يسقي الظمآن، فبصق فيه فكثر الماء وامتلأ البئر على الفور.
فذهب مسيلمة معهم، إلى بئر فيه ماءٌ قليل، فبصق فيه مسيلمة فجف الماءُ على الفور لم يبق فيه نُقطة ماء واحدة. 
(هذا ما يُسمى الإهانة ولكنها خارقة للعادة)
____
ومن الإرهاصات قبل مولده صلى الله عليه وسلم (حادثة أصحابُ الفيل)
وكانت هذه الحادثة بمثابة، لفت لأنظار العالمَ كُله، لهذا المكان الذي سيولدُ فيه سيدُ الخلق وإمام المرسلين سيُدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
كان ذلك الحدث الضخم الغريب العجيب، الذي لم يسمع به العالم من قبل، فما قصة أصحابُ الفيل، ولماذا أراد أبرهة هدمَ الكعبة؟
يتبع بإذن الله..

الخميس، 16 يوليو 2020

هذا الحبيب (8)

هذا الحبيب (8)
حمل آمنة بسيد الخلق، صلى الله عليه وسلم
فرأت آمنة أم النبي صلى الله عليه وسلم رؤيا.. 
تقول: هتف هاتف في أذني وأنا بين النائم واليقظان فقال لي: يا آمنة هل شعرتِ أنك حملتِ؟
تقول آمنة: فكأني شعرتُ أني أقول له، لا أدري!
قال: يا آمنة قد حملت بسيد هذه الأمة ونبيها، فإذا ولدته فسميه (محمد) 
قالت: فكان ذلك مما أكد لي الحمل. 
ثم عرفت آمنة أنها حامل بعد انقطاع الحيض، وعلم عبد المطلب أن آمنة قد حملت.
____
فرح عبد المطلب فرحاً كبيراً، وفرحت مكة كلها بهذا الخبر. 
ثم ذهب ليهنئ آمنة.. 
فقالت له آمنة: أريد أن أخبرك عن رؤيا رأيتها، 
فلما قصّت عليه الرؤيا تذكر عبد المطلب جميع ما مرّ به من مُبشرات، وأنه سيخرُج من صُلبهِ مولود له شأن عظيم.. 
وتذكر تلك الرؤيا في منامه (أنه رأى سلسلة من فضة خرجت من ظهره، حتى صعدت للسماء، ثم رجعت إلى شجرة خضراء لها غصون ولها ظل، فجاء جميع الخلق وتعلقوا بها)
ولأنه كان يسافر كثيراً، فكان يقابل الأحبار والعرافين وأهل الكتاب، وكانوا جميعهم يبشرونه، أنك في ظِل نبي آخر الزمن، هو فخرٌ للعرب كلها، ولن يخرج إلا من دائرة بيتك.
وقصّ رؤياه لأهل المعرفة والكتاب، ولِمن كان عِندهُ علم بتفسير الرؤى 
فقالوا له: يخرج من صُلبك مولود يكون له شأن عظيم في الأرض والسماء!
_____
فلما قصت عليه آمنة الرؤيا، تهلل وجهه بالسعادة 
وقال: يا آمنة أُكتمي رؤياك ولا تحدثي بها أحداً..
يا آمنة: إن أهل الكتاب أخبروني وبشروني بنبي آخر الزمن المنتظر ولعل الجنين الذي في بطنك يكون هو، فإن لأهل الكتاب حوله إشاعة كبيرة.
______
 ومضت الأشهر والأيام وآمنة: لم أجد في حملي كما تجد النساء، لم أشعر به ولا وجدت له ثقلة كما تجد النساء، (أي: لا وحام، ولا تعب، ولا دوخة، ولا إرهاق ولا ألم)
حتى أني أذهب للبئر لأشرب، أرى ماء البئر قد ارتفع للأعلى، فأشرب منه فإذا انتهيت رجع  
(وذلك ببركة من تحمل، صلى الله عليه وسلم)
فأخبرتُ بعض النساء حولي، فقلن لي: علقي حديداً في عضديك ورقبتك (يعني مثل أيامنا هذه، تعليق الطوق في الرقبة، على شكل عين وما الى ذلك، من الدجل، لترد العين والحسد وأذى الجن)
قالت: ففعلت، فما مضى يوم إلا قُطع (أي الطوق)
فتركته ولم ألبسه.. ومضت الأشهر حتى دخلت في الشهر التاسع، وهنا قبل مولده صلى الله عليه وسلم بخمسين يوماً وقع حدث عظيم اهتزت له مكة والعرب..
يتبع بإذن الله..

هذا الحبيب (6)

هذا الحبيب (6)
زواج عبد الله من آمنة بنت وهب
لما فرحت قريش بفداء عبد الله، أخذ عبد المطلب بيد ابنه عبد الله، وسار به الى الكعبة، والناس ينظرون، وطاف به بالبيت سبعاً..
نظرت قريش إليهم، فرأت عبد الله يخرج النور من وجهه.. 
وكيف لا يخرج النور من وجهه وهو يحمل نور نبينا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم.
وجاءت قريش تهنئ عبد المطلب، في نجاة ولده.
_____
عبد المطلب ما زال يتذكر كلام ذلك الحبر اليهودي في اليمن عندما كان في رحلة الشتاء.
كان قد نزل عند حبر من اليهود، فقال الحبر لعبد المطلب متعجباً: رجلٌ من أهل الديور! 
يسأله متعجباً: أنت من أهل الكتاب؟!
يا عبد المطلب، أتأذن لي أن أنظر إلى بعضك؟ 
تأذن لي أتفحص جسدك.. وكأن عنده علامات إذا وُجدت فيه، تدل على شيء
قال: نعم إذا لم يكن عورة 
فلما نظر الحبر لجسده وتفحصه 
قال له: أشهد أنك تحمل بين يديك.. ملكاً.. ونبوة 
 قال الحبر: إذا رجعت تزوج من بني زهرة يا عبد المطلب، سيخرج من ذريتك رجل ذو أمر عظيم، يجمع بين الملك والنبوة، وسيكون فخراً  لقبيلتين من العرب هم (بني هاشم.. وبني زهرة)
فلما رجع تزوج من (هالة بنت وهب) من بني زهرة
وبقي هذا الكلام في رأس عبد المطلب، فقرر أن يزوج عبد الله ويفرح به، يزوجه من (بني زهرة) من آمنة، أملاً بكلام ذلك الحبر اليهودي لعله يتحقق حلمه.
_____
فعلمت قريش، أن عبد المطلب  قرر أن يزوج ابنه عبد الله من بني زهرة، وانتشر الخبر في مكة، حتى أن فتيات مكة مرضن ولزمن الفراش، عندما سمعن هذا الخبر تأسفاً وحسرة؛ فكل فتاة كانت تتمنى أن تكون زوجة لهذا الرجل المبارك.
_____
ذهب عبد المطلب الى سيد بني زهرة، أبو آمنة (آمنة بنت وهب)، أم الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم،
وخطب آمنة.. لابنه.. عبد الله 
كان عُمْر (عبد الله) والدِ النبي صلى الله عليه وسلم (18) عاماً
وكان عمر (آمنة) أم النبي صلى الله عليه وسلم (14) عاماً، ويقال (16)
وفي نفس اليوم تزوجها عبد الله ودخل بها.
وكانت من عادة العرب أن العريس يبقى في ديار أهل العروس، ثلاثة أيام وبعدها يأخذ زوجته، ويرجع الى اهله
فحملت آمنة بسيد ولد آدم، حملت بالنور المهداة للعالمين، حملت بخير خلق الله أجمعين، نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. 
يتبع بإذن الله..

هذا الحبيب (7)

هذا الحبيب (7)
وفاة والدِ النبي صلى الله عليه وسلم
بعد مضي ثلاث أيام، أخذ عبد الله عروسه (آمنة بنت وهب) وارتحل بها إلى قومه، وبعد أيام تجهزت القافلة لرحلة الصيف، التي كانت مُتجهة لبلاد الشام، فاختاروا فيها عبد الله العريس، كي يكون في القافلة مع بعضِ إخوته.
_____
ودّع عبد الله عروسه (آمنة بنت وهب) ولم يكن عِنده عِلم، أنه لن يراها بعد اليوم أبداً، ولم يكن عِندهُ عِلم أن آمنة قد حملت له بطفل هو حبيبُ ربِ العالمين، وخيرُ خلقِ الله أجمعين 
ودّعها عُبد الله ثم انطلق مع القافلة الى بلاد الشام.
______
بعد أشهر رجعت القافلة، وليس فيها عبد الله!
فسأل عبد المطلب أين عبد الله؟
قالوا له: لا تقلق يا شيخ مكة، تركناه عند أخواله في بني النجار، في يثرب (المدينة المنورة) فقد أصابه بعض المرض، وعندما يتعافى سيرجع، تركناهُ هناك فلقد خُفنا عليه من مشقة السفر.
_____
نظر عبد المطلب الى ابنه الكبير (الحارث) وقال: يا بني انطلق على الفور الى يثرب، وأحضر عبد الله ولو في هودج.. 
(الهودج.. هو مثل الخيمة التي تكون على ظهر الجمل تحمل النساء في السفر)
فلما ذهب الحارث، ووصل يثرب وجد القوم في عزاء، فسأل عن أخيه!
فقالوا له: قد مات اخوك عبد الله وذلك قبره، فوقف عند قبرِ أخيه وبكى حتى أفرغ حُزنه بالبكاء عليه ثم رجع الى مكة، وأخبر أباه، فكانت الفاجعة، وضجت مكة وقريش لهذا الخبر. 
سبحان الله قبل أشهر يُفدى بمائةٍ من الإبل وبعد شهرين يدركهُ الموت! ما السر في ذلك؟ 
حتى يخرُج من صُلبهِ، محمدٌ رسول الله، صلى الله عليه وسلم
حزنت مكة كلها، على وفاة عبد الله 
_____
وكانت آمنة قد حملت بهذا الطفل المبارك، الذي سيكون رحمة للعالمين.
لم تكن تعلم آمنة أنها حامل، لأنها كانت صغيرة بالعمر ولأنها أول مرة تحمل.
 تقول آمنة: لم أعرف أني حامل، إلا أنني أنكرت حيضتي (أي انقطع عنها الحيض) 
فلما كان الشهر الثاني من وفاة زوجها عبد الله، رأت رؤيا.. هتف هاتفٌ في أذنها وهي نائمة..
يتبع بإذن الله..